الوصف
موضوع الصداقة قديم قدم الإنسانية فيه تتجاوب عواطف النفس البشرية، وعلى صفحاته تنعكس نفسيتها وروحها، وأولع به الأدباء والشعراء والفلاسفة العلماء، فأمعنوا في اسكناه حقيقة هذه الرابطة العجيبة وتعريفها وتحديدها وتحليل روابطها ودوافعها ونشوتها ودوامها وفسادها.
إن التوحيدي الذي آلمته الحياة، وخدشته بأظفارها، كان مدفوعاً بمزاجه ونفسيته وظروف حياته إلى التفتيش عن الصداقة وإحلالها مكاناً أولياً في علاقاته مع الناس، وإلى العناية بموضوع الصداقة والصديق.
وحديث الصديق -على حد تعبير أبي حيان-حلو، وأعذبه ما صدر عن رجل ذي حساسية تكاد تكون مرضية طلعة، همه الاتصال بالناس ومشاركتهم عاطفياً وفكرياً، واجداً في عشرتهم سلوى وتعويضاً عما لحقه من إخفاق في حياته العملية، ووسيلة إلى تفريغ هذا المخزون العاطفي الذي لازمه.. ألم يقل: إن في حديث الصداقة (شفاء للصدر، وتخفيفاً من البرحاء، وانجياباً للحرقة، واطراداً للغيظ، وبرداً للغليل، وتعليلاً للنفس)؟.
ما قيمة كتاب (الصداقة والصديق)؟، وما مكانته بين آثار أبي حيان التوحيدي ؟ وما نظرة التوحيدي إلى الصداقة والصديق؟ تلك أسئلة ترد في خلد الباحث بعد قراءة هذا الكتاب الفريد في نوعه في الأدب العربي.