الوصف
ولوصف زهر اللوز، لا موسوعةُ الأزهار
تسعفني، ولا القاموسُ يسعفني…
سيخطفني الكلام إلى أَحابيل البلاغةِ /
والبلاغَةُ تجرح المعنى وتمدح جُرْحَهُ،
كمذكَّرٍ يُمْلي على الأُنثى مشاعرها /
فكيف يشعُّ زهر اللوز في لغتي أَنا
وأنا الصدى؟
وَهُوَ الشفيفُ كضحكة مائية نبتت
على الأغصان من خَفَر الندى…
وَهُوُ الخفيفُ كجملةٍ بيضاءَ موسيقيّةٍ…
وَهُوَ الضعيف كلمح خاطرةٍ
تُطِلُّ على أَصابعنا
ونكتبها سُدَى…
وهو الكثيف كبيت شِعْرٍ لا يُدَوَّنُ
بالحروف /
لوصف زهر اللوز تَلْزُمني زيارات إلى
اللاوعي تُرْشِدُني إلى أَسماء عاطفةٍ
مُعَلَّقةٍ على الأشجار. ما اُسُمهْ؟
ما اسم هذا الشيء في شعريَّة اللاشيء ؟
يلزمني اختراقُ الجاذبيِة والكلام ،
لكي أحِسَّ بخفة الكلمات حين تصير
طيفاً هامساً، فأكونها وتكونني
شفّافَةً بيضاءَ
“في هذا الكتاب يبدو أن محمود درويش ما زال قادراً على الإدهاش ومنح الشعر العربي مزيداً من الأناقة والجاذبية المسيطرة في وقت يتراجع فيه ذلك الشعر ويسترسل في هذيانية بائسة وجهل مطبق. هنا يسأل درويش الشعر ويقيم حواجز للبلاغة وينقضّ على العبارة المعلبة في تمرد أسلوبي على المعنى والصورة في سياق اختراق للمفاهيم المتعارف عليها والمكررة والمملة. إنها أسئلة الشعر الأصلية من السرير وفاتورة الكهرباء إلى نخلة السومرية إلى نيويورك إلى وردة أريحا.. ونحن نلهث وراء الشاعر الذي يسابق الزمن ويحاول المستحيل”