الوصف
آخر بني سراج / مترجمة ومذيلة بخلاصة من تاريخ الأندلس إلى سقوط غرناطة، الفيكونت ريشاتوبريان/ ترجمة شكيب أرسلان
“نشر شاتـــوبريان روايته هـــذه حوالى عام 1826، في أعماله الكاملة، ولكـــن من الواضح أنه كتبها خلال مرحلة مبكرة، وربما خلال الحقبة التي تمكـــنت منه فيــها نزعة كاثـــوليكية متــــطرفة عبّر عنها في روايته «الشهداء» وكذلك بعد مرحلة كان خلالها زار الشرق البعيد وتحــــدث عنه مطـــولاً في واحد من أجمل كتبه («مسار من باريس إلى القدس») مختزناً في ذاكرته كل عطر الشرق وأجوائه الخاصة. أما بطل روايته التي نحن في صددها هنا، فهو الشاب ابن حامد، الذي كان آخر من تبقى من أسرة ابن سراج. وكان أبو عبدالله في غرناطة، عهد سقوطها، أباد كل من طاولته يداه من أبناء تلك العائلة فيما فر الباقون، وكان أسلاف ابن حامد منهم. واليوم، حين تبدأ الرواية، ها هو ابن حامد يعود من أفريقيا حيث يعيش، إلى غرناطة، لكي يرى كيــــف هي أرض آبائه وأجداده، التي كان سمع بها خـــلال طفــــولته وصباه كثيراً، وها هو مولع بها الآن. إذاً، يعود ابن حامد إلى غرناطة وإذ يبدأ التجول فيها يحدث له أن يلتقي بالدونا بيانكا، ابنة أحد أعيان المدينة المسيحيين وهو الدوق دي سانتافي.”
“اقترن اسم بني سراج بالأندلس ودواليب السلطة في مملكة غرناطة، واعتبر الباحثون أن العائلة من أعرق الأسر الأندلسية العربية، وذهب باحثون آخرون إلى أنها إحدى القبائل الأمازيغية التي تنحدر من المغرب.
في عهد أبي الحسن، الذي سيُدَق فيه آخر مسمار في نعش حكم المسلمين في الأندلس، والذي عرف ثورات ونزاعات وصراعات كانت من مظاهر التداعي الذي سينتهي بسقوط غرناطة عام 1492 ميلادية.
كان من بين تلك النزاعات صراع بني سراج وبني الثغري وبني أضحى للظفر بالوزارة، كما اشتعلت دهاليز القصر آنذاك بالمؤامرات والمنافسة بين زوجتي الملك، الإسبانية «إيزابيلا دي سوليس» و«عائشة الحرة» أم أبي عبد الله الصغير. بعد أسر هذه الأخيرة من طرف أبي الحسن، تحت طلب إيزابيلا، عمل بني سراج آنذاك على تخليص الحرة من الأسر، الشيء الذي أثار غضب الملك، فانتهى أمرهم بالإبادة في إحدى قاعات قصر الحمراء.
ألهمت هذه الحادثة أقلام الروائيين وحكايات التراث الشعبي وألهبت مخيلة الشعراء. وإلى اليوم، ما أن تحط قدميك في قصر الحمراء حتى تجد نفسك مشدوهاً أمام قاعة بديعة الزخارف ما زال على بلاطها بقع يزعم أنها من دم بني سراج، وأنها تأبى الزوال رغم تكرار الشطف والغسل.
استثمر دوشاتوبريان هذا المعطى ليدوِّن قصته، حاكياً أخبار آخر سلالة بني سراج بعد فرار من تبقى منهم إلى تونس، ناصبين خيامهم على أنقاض قرطاج التليدة.”