الوصف
“نصف قرن تغيّر فيه الكل إلا أبي وكأنه يخرج لتوه من هيبة بيت البرزة بنفس المحزم الصدئ والتفق الذي تكلَّس على خشبه الزمان ليمارس هيبته على طفولتنا وشبابنا بل وكهولتنا.وتجددت كل البيوت إلا بيت أبي ما زال بصفته حيث يختبئ الظلام، وبليوانه الذي تحركه “بانكة” السقف فنشم مطرح القديمة برطوبتها وملحها وبروائح مرقة الدال في الهوتيلات واحتراق خبز التنور”
في إصداره الأخير يقارب الأستاذ حمود بن سالم السيابي بين التاريخ والفن الروائي عبر منجزه السردي الجديد “بروة استدعاء لمطرح” والتي تعد مقاربة روائية لتاريخ هذه المدينة من خلال استدعائه لشخصية الوالي اسماعيل الرصاصي أيام السلطان سعيد بن تيمور.
والرواية التي تقع في 400 صفحة تحاور زمنين، زمن كتابة الرواية، حيث إغلاق مطرح مع ظهور وباء الكوليرا وبطلها سعيد الذي يسرد قصة والده، وأيضا حكاية الحب التي يعيشها مع الفتاة الصورية، وزمن آخر مع رحلة مدينة مطرح في التاريخ الحديث، والأحداث التي وقعت خلال فترة السلطان سعيد وواليها الرصاصي، مرورا بالشخصيات المطرحية الشهيرة وحاراتها ودروبها.
وفي غلافها الأخير يسجل الكاتب محمد بن سيف الرحبي كلمته عنها ليقول أنها “ليست رواية.. بل أكثر من ذلك، حيث يمكن وصفها بمخطوطة تاريخية عمانية مبتلّة بماء بحر عمان وهو يقبّل أقدام مدينة مطرح، فيكاد يصل إلى قلعتها الحصينة مستحضرا واليها الرصاصي وحاراتها وبيوتها متوغّلا في سيرتها القديمة.. وهي ديوان شعر مكتوب بما تبقّى من حبر قصيدة امرؤ القيس حينما يبكي على الأطلال، وما لم يتمكّن نزار قبّاني من قوله لحبيبته بلقيس فنثره الأستاذ حمود السيابي على لسان بطل روايته وردا وياسمين على حبيبته “الصوريّة”.. ويضيف الرحبي: “هي ليست رواية.. بل وثيقة إدانة لحاضر نسي المدينة، أغلق أبوابها حينما ابتليت بالفيروس اللعين، وهي التي تركت أبوابها مفتوحة للغرباء يخطفون كحل عينيها،”