الوصف
“هذا الكتاب هو رواية جانبية مشوقة لحدث استكشافي قام به عالم الآثار الألماني كوفمن الفرانكفورتي حين كان ينقب في موقع تاريخي يعود لبدايات العصر المسيحي في مصر في شمال صحراء مصر الغربية غربي الإسكندرية. اصطحب كوفمن معه مؤلف كتابنا هذا ابن عمه إيوالد فالس الذي لن نجد له دورا ملموسا في الكشف الأثري لكنه سيروي لنا في المقابل القصة التي رافقت ذلك الحدث.
لو كان الكتاب من تأليف كوفمن لقرأنا تفاصيل عن الآثار في مقابل معلومات هامشية عن المنطقة وسكانها، لكن مؤلف كتابنا هذا فعل العكس: حدثنا قليلا عن الآثار وأسهب، في المقابل، في عرض المكان وأهله، سيما قبائل أولاد علي. ومن هنا تنبع أهمية الكتاب الذي يعد شهادة على تفاعل البيئة والإنسان في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.
يقابل المستكشفان أجواء سياسية تغير من خطط عملهم في التنقيب الأثري. وهذه الأجواء هي مرآة لمطلع القرن العشرين الذي كانت مصر فيه في مرحلة حرجة من تاريخها الحديث. يعاصر هذه المرحلة حكم الخديوي عباس حلمي الثاني الذي يحاول الفكاك من تدخل اللورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر وكيل الاحتلال البريطاني للأراضي المصرية منذ عام 1882.
وخط سير هذه الرحلة بسيط للغاية يبدأ من منطقة المكس غرب الإسكندرية مرورا بالعامرية وإقليم مريوط الشرقي. وقبل الوصول إلى موقع مدينة ميناس (القديس مينا) يقوم المستشكفان بزيارة دينية وجغرافية للأديرة المسيحية في وادي النطرون، ثم يتجهان إلى مريوط مجددا وهناك يعثران على أطلال المدينة التي يبحثان عنها.
والبطل الرئيس في هذا الكشف هم بدو أولاد علي. لا يُنكر المؤلف ذلك، بل كان الإلهام البدوي مؤثرا ليس فقط في الوصول إلى المكتشفات الأثرية للمدينة التي تقع غير بعيد عن بلدة بهيج في مريوط بل في تخصيص أكثر من نصف هذا الكتاب للحديث عنهم وعن أحوالهم الاجتماعية والثقافية والدينية.”